Ads 468x60px

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012

فضل العربية ووجوب تعلمها على المسلمين - الجزء الثالث - رسلان


ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم آخر المرسلين وخاتم النبيين، جعل الله آيته الكبرى باقية على مر العصور، وكرِّ الدهور. واعلن أن التحدي قائم ما بقيت آياته في الصدور والسطور، ودمغ الثقلين - جميعًا - بالعجز عن الإتيان بمثله ولو كان أولهم لآخرهم نصيرًا "
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا"
وقد كانت العرب أمراء البيان وملوك الفصاحة، يوم نزل القرآن يتحداهم أن يأتوا بسورة من مثله، ولم يكتف ببيان عجزهم عن الإتيان بمثله في الحال، بل صرح بفضح عجزهم عن ذلك على التأبيد، وجعل عجزهم - وهم كانوا من الفصاحة حيث كانوا - دليلًا على أن هذا الكتاب ليس في مقدور بشر، ولو كان في مقدور بشر لأتوا بمثله وما مسَّهم من لغوب.
قال تعالى"وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - : شرع تعالى في تقرير النبوة، بعد أن قرر أنه لا إله إلا هو فقال مخاطبًا الكافرين "وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا" يعني: محمد صلى الله علية وسلم، "فَأْتُوا بِسُورَة" من مثل ما جاء به إن زعمتم أنه  من عند غير الله، فعارضوه بمثل ماجاء به، واستعينوا على ذلك بمن شئتم من دون الله، فإنكم لا تستطيعون ذلك.
وقد تحداهم الله تعالى بهذا في غير موضع من القرآن، فقال في سورة القصص: "قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"
وقال في سورة سبحان: "قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا"
وقال في سورة هود: "أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ  قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"
وقال في سورة يونس: " وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
وكل هذه الآيات مكية.
ثم تحداهم بذلك أيضا في المدينة، فقال في الآية:  "وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ" أي: شك،  "مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا"؛ يعني: محمد صلى الله عليه وسلم، "فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ"؛ يعني: من مثل القرآن، قاله مجاهد وقتادة، واختاره ابن جرير بدليل قوله: "فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ". وقوله: "لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ".
وقد تحداهم بهذا في مكة والمدينة مرات عديدة، مع شدة عداوتهم له وبغضهم لدينه، ومع هذا عجزوا عن ذلك؛ ولهذا قال تعالى: "فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا"، و"لَنْ": لنفي التأبيد؛ أي: و"لَنْ" تفعلوا ذلك أبدًا.
وهذه -أيضًا- معجزة أخرى، وهو أنه أخبر خبرًا جازمًا قاطعًا مقدمًا غير خائف ولا مشفق: أن هذا القرآن لا يعارض بمثله أبدًا. وكذلك وقع الأمر، لم يعارض من لدنه إلى زماننا هذا، ولا يمكن، وأنّى يتأتى ذلك لأحد، والقرآن كلام الله خالق كل شئ، وكيف يشبه كلام الخالق كلام المخلوقين؟!
وما كان القرآن الذي تحداهم الله به نازلاً بغير أحرف كلامهم، ولا شاهدًا عليهم بغير لسانهم، ولا ناطقًا بغير لغتهم التي رضعوا لبانها صغارًا، وارتاضوا أنفسهم على أدبها -شعرًا ونثرًا- كبارًا.
وقد ذكر الله تعالى في أوائل سور من كتابه المجيد حروفًا مقطعة، قال ابن كثير حاكيًا الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور، عن طائفة من أهل العلم: "إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها..
وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية، وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزَّيُّ، وحكاه لي عن ابن تيمية.
قلت: ولهذا؛ كل سورة افتتحت بالحروف فلابد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة".
 

About Fares's Blog

مهتم بالعلوم التقنية والأكواد البرمجية، لا أميل لأى حزب أو جماعة وأبغضهم جميعًا. فقط [مسلم] ، بعيد عن السياسة تماماً ، وسأظل دوماً ما لم تُمَسُّ السُّنّةُ وأهلُها. انطلقت مدونتي منذ زمن بعيد ، ولم أكن متفرغاً لها أولاً ، ولا لدى الخبرة الكافية لإدارتها ثانياً .أقدم فيها ما تعلمته خلال ممارستي للحاسوب. كما تحتوى المدونة على أقسام خاصة أخرى ، أضع فيها ما يطيب لي من بعثرات الشبكة ، بعد أن أضيف لها لمساآتى الخآصة ، أو بدون ! وأردفه : منقول !

Blog's Visitors

Privacy Policy

مدونتي - وما أقدمه فيها من مساعدات وشروحات تقنية أو غيرها- ؛ هى موجهة للاستخدام الصحيح أولاً وآخراً . فلا أبيح أن يُستخدم أى محتوى من محتويات المدونة فيما يغضب الله عز وجل. كمدونات الأغانى والأفلام ، أو تلك التي تحتوى صور نساء وما شابه . كما لا أسمح بنقل أى موضوع أو محتوى فى المدونة ، إلا مع ذكر المصدر الأصلى للموضوع ، فإن من بركة العلم نسبته إلى أهله ! جزيتم خيراً .

faresalhdaleel@gmail.com